حوار مفتوح
المثقف في حوار مفتوح مع ا. د. عبد الأله الصايغ (1)
خاص بالمثقف: الحلقة الأولى من الحوار المفتوح مع ا. د. عبد الأله الصائغ، وفيها يجيب على سؤال المثقف.
س1: صحيفة المثقف: كيف يقدم الصائغ نفسه لقراء صحيفة المثقف؟
ج1: د. عبد الأله الصائغ: هذا المبتدأ احبه كسؤال محرج تتكسر بضوئه المرايا .
زد عليه و وفق منطق السؤال فانت تسألني عن الصائغ بوصفه غائبا،، هذا جميل، لم تقل لي مثلا قدم نفسك ياصائغ، اذن سأقدم نفسي من خلال الغياب والضمير الآخر، انا الاسم الحركي للغياب، ظهوري بعد خروجي من اعماق الزرقاء كان تعميقا لغيابي، غاب والدي وانا ابن الرابعة، والزرقاء امي العظيمة ابنة الخامسة والعشرين غابت في غابة الأرامل والشابات منحوسات الطالع، والغياب الثالث هو زمن الهدنة المؤقتة ليظهر بعده جيل جديد ممسوخ بفعل الحرب الكونية الثانية انا ولدت في تسانومي الحرب 11 آذار 1941، غاب السلام المؤقت وتجلى القلق الدائم، نشأت وانا اسمع ان الموسرين يأكلون الخبز التجاري الناصع الشهي ذا الرائحة المثملة، والفقراء يأكلون خبز التومين الأسمر وربما الأسود وعجينته كان مزاجها الطحين والقمل (نعم القمل) فضلا عن الطابور الطويل المهين الذي يقفه الفقراء قبالة الخباز، والوقت الثقيل الممل، ومع وعيي فاجأ الزمان جيلنا بأحداث كبرى من الصعب استيعابها، كانت الوجوه صفرا والأجساد، كانت النفوس سودا والأحشاء، الصائغ ظل الوجود وكينونة العدم، لهذا قرر اللاوعي الذي قاده حتى ساعة كتابة هذا المتن ان يظل الصائغ وديعة لدى الطفولة التي سوف تحميه لاحقا من انحرافات جيل كامل لم يغب عنه سوء الطالع حتى اللحظة، غربة مبكرة، غربة بين الصائغ واترابه، بين الصائغ وأشقائه، بين الصائغ وعائلته، فاذا ناف عمر الصائغ على الثانية والسبعين فعليه ان ينحني للطفولة التي عزلته عن زمن المسخ والفسخ والسلخ، ليس ثمة صباء او فتاء او كهولة في معجم الصائغ، فالطفولة مازالت وتظل تنبض بنبضات قلبه، هل اجاب الصائغ عن شيء او بعض من السؤال ؟؟ الجواب بدلا من (لا النافية) هو (كلا الزاجرة) اذن تستريح الروح قليلا فقد داهمتها قيلولة (ما) لكي تجترح محاولة اخرى للاجابة بعد ترسيم الحدود لمركزية السؤال،
ليكن هذا النص الذي كتبته استكمالا للجواب:
مبتدا المسألة ...
يتيمٌ يُلَمْلِمُ داشة ً فوقَ جُرحٍ
يُكابِرُ كي لاتبوح الدموع
فيدرك غصّتَهُ السابلة
وأرملةٌ مثل زرقاء
جذّابة سرحةٌ هائلة
ومرثيةٌ تلسعُ الروحَ
جوعٌ الى القُبْلة المقبلة
صحابي
صحا بي
طفلُ الجديدةِ مانامَ ستينَ حولا
ولا هدأت سَوْرةُ العائلة
فذا أنا ها.. تخليتُ مزَّقتُ دشداشتي الآيلة
كنتُ ألثغُ : آهِ إذا ما كَبَوْتُ وأعني (كبرتُ)،
سأُبْدأُ بالعشقِ كي تبدأً القافلة
وها انا ذا قد كبرتُ وأعني (كبوتُ)،
حريبا غريبا تفردني ليليَ الأزلي
وحيداً شريداً بزادٍ ضئيل
ودربٍ طويل
ولامن رفيق ولامن صديق
ولا من سنابل باذخة
تُعَوِّذُ خوفي بتعويذةِ البسملة
ومبتدأ المسألة
لوحةٌٌ سائلة
طيورٌ تناقَرُ من عطشٍ
زهورُ مبعثرةٌ ذابلة
المزامير مسبية بالنعاس
والمدائن موحشةٌ دون ناس
حقول السنابل منذورةٌ لليباس
صحا .. بيَ طفلُ الجديدةِ ثانيةً ثمَّ نام
فجئت اغنيكمو عودة للطيور
لعل عسى نرتقي الجُلجُلة .
الصائغ عبد الاله هو نجل السيد علي الصائغ الحسيني العذاري المرعبي وابن الزرقاء ابنة مرشد النجف الشيخ محمد الحسين عميد اسرتي زيارة وال بو اصيبع، اكره الاعياد كما اكره تبويس اللحى وتكرهني العماية وتغويني الغواية، عادتي كما يقول جدي علي بن ابي طالب عادتي ترك العادة ، اكره الجغرافيا واشمئز من التاريخ، واسعد الأمم كما يقول كارل يونغ تلك الامة التي تبدأ من الصفحة التي وصل اليها الآخرون، بعيدا عن امجاد التاريخ المكذوب والمكتوب بالدم بعيدا عن امجاد الجغرافيا المرسوم بالدم، انتهى قول يونغ، فاقول القوميات بيوت طيبة متآلفة حولها القوميون الى مسالخ دموية،، والاديان السماوية محجات للسلام حولها ادعياء الدين الى قطع رقاب وقطع ارزاق وقطع طرق، كتبت في مدينتي النجف الأشرف مباحث في الازمنة والأمكنة والأعلام، كل ما يمت الى النجف امت له، لكن بعد تنقيته من سفلس العمى وسرطان العصبية، حتى قال المنصفون ان كتابات الصائغ الانتقائية في النجف هي خير الكتابات، لكن النجفيين اشعروني بعقوق غريب، غادرت النجف بل العراق عام 1991 وتغربت من اجل ان لايتسخ شغاف الروح، حتى الساعة لم ار النجف ولم يرني العراق، ادركتني الشيخوخة منتصف الطريق وادركت الغربة اول الطريق وادركني العقوق آخر الطريق، انتجت ثلاثين كتابا جعلتني متميزا بين اقراني ولدي اربعون كتابا مخطوطا سوى مئا ت البحوث والمقالات، درّست في جامعات الموصل والكوفة والمستنصرية ودرست في ليبيا وتونس والمغرب واليمن والاردن وامريكا، حين توقف النخاع الشوكي او كاد عام 2006 فار التنور وعززت صحتي احدى وعشرون مؤسسة وفردا ، من رئيس الوزراء الى رئيس الجمهورية الى رئيس اقليم كوردستان الى مؤسسات المدى والزمان الى رؤساء الاحزاب،، لكنني في محنتي الصحية الاخيرة حيث تعوقت وشللت تخلى عني الجميع وحتى اصدقائي الكتاب، بعت بيتي لكي اتدبر حياتي فعدت الى عملي قطعت الملحقية الثقافية بواشنطن راتبي فتركت واشنطن ولجأت الى مشيغن ......... دون راع او قريب او او لولا رحمة الله ، كان السيد وزير التعليم العالي الاستاذ علي الاديب قد تبرع لي بثمانية الف دولار ونصف وكان السيد سفير العراق بواشنطن الدكتور جابر حبيب قد تبرع لي بستة آلف دولار، وسرق المبلغان مني في مشيغن، لم اشعر في اي وقت يدنو الموت مني كما اشعر الآن، تعرضت للموت الحقيقي مرات ومرات ابتداء من 1958 وحتى 2003 لكن الموت لم يتعرض لي وكنت اقول كما المتنبي :
يحاذرني موتي كأني تموته وتلسعني الأفعى فيقتلها سمي
الآن اموت شلوا فشلوا ويتهدم تراثي حجرا فحجرا فلم تلتفت اليّ مدينتي النجف ولا عاصمتي بغداد، وكنت ومازلت اردد من يشاء ان يبكيني فليبكني حيا، وملعون من يبكيني ميتا. تحاول مؤسسة المثقف ومؤسسها ماجد الغرباوي ومن بعد رشا فاضل زرع غرسة امل في صهريج شوطي الأخير فلهم امتناني . إ . هـ
عبد الاله الصائغ
..........................
خاص بالمثقف
للاطلاع على حلقات الحوار
http://almothaqaf.com/index.php/hewar-m/
يمكنكم توجيه الاسئلة المحاوَر على الاميل التالي
..................
ملاحظة: في الصورة اعلاه:
الاشقاء الثلاثة الكبير رحمه الله عبد الامير الصائغ في الوسط وعبد الاله الصائغ في يسار عبد الامير والدكتور محمد الصائغ في يمين عبد الامير الصائغ اتذكر ميقات الصورة مطلع اربعينات القرن العشرين ومكانها فوق بلدية النجف والمصور هو المرحوم يوسف الفلوجي
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها.